الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الشعر العربي المعلقة الخامسة عمرو بن كلثوم التغلبي كاملة مكتوبة
ألا هُبّي بصحْنك فاصْبحيْنا - - - ولا تُبْقي خُمُوْر الأنْدريْنا
مُشعْشعةً كأنّ الحُصّ فيْها - - - إذا ما الماء خالطها سخيْنا
تجُوْرُ بذي اللّبانة عنْ هواهُ - - - إذا ما ذاقها حتّى يليْنا
ترى اللّحز الشّحيْح إذا أُمرّتْ - - - عليْه لماله فيْها مُهيْنا
صبنْت الكأْس عنّا أُمّ عمْرٍو - - - وكان الكأْسُ مجْراها اليميْنا
وما شرُّ الثّلاثة أُمّ عمْرٍو - - - بصاحبك الذي لا تصْبحيْنا
وكأْسٍ قدْ شربْتُ ببعْلبكٍّ - - - وأُخْرى في دمشْق وقاصريْنا
وإنّا سوْف تُدْركُنا المنايا - - - مُقدّرةً لنا ومُقدّريْنا
قفي قبْل التّفرُّق يا ظعيْنا - - - نُخبّرْك اليقيْن وتُخْبريْنا
قفي نسْألْك هلْ أحْدثْت صرْماً - - - لوشْك البيْن أمْ خُنْت الأميْنا
بيوْم كريْهةٍ ضرْباً وطعْناً - - - أقرّ به مواليْك العُيُوْنا
وأنّ غداً وأنّ اليوْم رهْنٌ - - - وبعْد غدٍ بما لا تعْلميْنا
تُريْك إذا دخلتْ على خلاءٍ - - - وقدْ أمنْت عُيُوْن الكاشحيْنا
ذراعي عيْطلٍ أدماء بكْرٍ - - - هجان اللّوْن لمْ تقْرأ جنيْنا
وثدْياً مثْل حُقّ العاج رخصاً - - - حصاناً منْ أُكُفّ اللامسيْنا
ومتْنى لدنةٍ سمقتْ وطالتْ - - - روادفُها تنوءُ بما وليْنا
ومأْكمةً يضيقُ البابُ عنْها - - - وكشْحاً قد جُننْتُ به جُنُونا
وساريتي بلنْطٍ أو رُخامٍ - - - يرنُّ خشاشُ حليهما رنيْنا
فما وجدتْ كوجْدي أُمُّ سقبٍ - - - أضلّتْهُ فرجّعت الحنيْنا
ولا شمْطاءُ لم يتْرُك شقاها - - - لها من تسْعةٍ إلاّ جنيْنا
تذكّرْتُ الصّبا واشْتقْتُ لمّا - - - رأيْتُ حُمُوْلها أصُلاً حُديْنا
فأعْرضت اليمامةُ واشْمخرّتْ - - - كأسْيافٍ بأيْدي مُصْلتيْنا
أبا هنْدٍ فلا تعْجلْ عليْنا - - - وأنْظرْنا نُخبّرْك اليقيْنا
بأنّا نُوْردُ الرّايات بيْضاً - - - ونُصْدرُهُنّ حُمْراً قدْ رُويْنا
وأيّامٍ لنا غُرٍّ طوالٍ - - - عصيْنا الملك فيها أنْ نديْنا
وسيّد معْشرٍ قدْ توّجُوْهُ - - - بتاج المُلْك يحْمي المُحْجريْنا
تركْن الخيْل عاكفةً عليْه - - - مُقلّدةً أعنّتها صُفُوْنا
وأنْزلْنا البُيُوْت بذي طُلُوْحٍ - - - إلى الشامات ننْفي المُوْعديْنا
وقدْ هرّتْ كلابُ الحيّ منّا - - - وشذّبْنا قتادة منْ يليْنا
متى ننْقُلْ إلى قوْمٍ رحانا - - - يكُوْنُوا في اللّقاء لها طحيْنا
يكُوْنُ ثقالُها شرْقيّ نجْدٍ - - - ولُهْوتُها قُضاعة أجْمعيْنا
نزلْتُمْ منْزل الأضْياف منّا - - - فأعْجلْنا القرى أنْ تشْتمُوْنا
قريْناكُمْ فعجّلْنا قراكُمْ - - - قُبيْل الصُّبْح مرْداةً طحُوْنا
نعُمُّ أُناسنا ونعفُّ عنْهُمْ - - - ونحْملُ عنْهُمُ ما حمّلُوْنا
نُطاعنُ ما تراخى النّاسُ عنّا - - - ونضْربُ بالسّيُوْف إذا غُشيْنا
بسُمْرٍ منْ قنا الخطّيّ لُدْنٍ - - - ذوابل أوْ ببيْضٍ يخْتليْنا
كأنّ جماجم الأبْطال فيْها - - - وُسُوْقٌ بالأماعز يرْتميْنا
نشُقُّ بها رُؤُوْس القوْم شقًّا - - - ونخْتلبُ الرّقاب فتخْتليْنا
وإنّ الضّغْن بعْد الضّغْن يبْدُو - - - عليْك ويُخْرجُ الدّاء الدّفيْنا
ورثْنا المجْد قدْ علمتْ معدٌّ - - - نُطاعنُ دُوْنهُ حتّى يبيْنا
ونحْنُ إذا عمادُ الحيّ خرّتْ - - - عن الأحْفاض نمْنعُ منْ يليْنا
نجُذُّ رُؤُوْسهُمْ في غيْر برٍّ - - - فما يدْرُوْن مإذا يتّقُوْنا
كأنّ سُيُوْفنا منّا ومنْهُم - - - مخاريْقٌ بأيْدي لاعبيْنا
كأنّ ثيابنا منّا ومنْهُمْ - - - خُضبْن بأُرْجُوان أوْ طُليْنا
إذا ما عيّ بالإسْناف حيٌّ - - - من الهوْل المُشبّه أنْ يكُوْنا
نصبْنا مثْل رهْوة ذات حدٍّ - - - مُحافظةً وكُنّا السّابقيْنا
بشُبّانٍ يروْن القتْل مجْداً - - - وشيْبٍ في الحُرُوْب مُجرّبيْنا
حُديّا النّاس كُلّهمُ جميْعاً - - - مُقارعةً بنيْهمْ عنْ بنيْنا
فأمّا يوْم خشْيتنا عليْهمْ - - - فتُصْبحُ خيْلُنا عُصباً ثُبيْنا
وأمّا يوْم لا نخْشى عليْهمْ - - - فنُمْعنُ غارةً مُتلبّبيْنا
برأْسٍ منْ بني جُشْمٍ بنْ بكْرٍ - - - ندُقُّ به السُّهُوْلة والحُزُوْنا
ألا لا يعْلمُ الأقْوامُ أنّا - - - تضعْضعْنا وأنّا قدْ ونيْنا
ألا لا يجْهلنّ أحدٌ عليْنا - - - فنجْهل فوْق جهْل الجاهليْنا
بايّ مشيْئةٍ عمْرُو بْن هنْدٍ - - - نكُوْنُ لقيْلكُمْ فيْها قطيْنا
بأيّ مشيْئةٍ عمْرو بْن هنْدٍ - - - تُطيْعُ بنا الوُشاة وتزْدريْنا
تهدّدُنا وتُوْعدُنا رُويْداً - - - متى كُنّا لأُمّك مقْتويْنا
فإنّ قناتنا يا عمْرُو أعْيتْ - - - على الأعْداء قبلك أنْ تليْنا
إذا عضّ الثّقافُ بها اشْمأزّتْ - - - وولّتْهُ عشوْزنةً زبُوْنا
عشوْزنةً إذا انْقلبتْ أرنّتْ - - - تشُجُّ قفا المُثقّف والجبيْنا
فهلْ حُدّثْت في جُشمٍ بنْ بكْرٍ - - - بنقْصٍ في خُطُوْب الأوّليْنا
ورثْنا مجْد علْقمة بنْ سيْفٍ - - - أباح لنا حُصُوْن المجْد ديْنا
ورثْتُ مُهلْهلاً والخيْر منْهُ - - - زُهيْراً نعْم ذُخْرُ الذّاخريْنا
وعتّاباً وكُلْثُوْماً جميْعاً - - - بهمْ نلْنا تُراث الأكْرميْنا
وذا البُرة الذي حُدّثْت عنْهُ - - - به نُحْمى ونحْمي المُلتجينا
ومنّا قبْلهُ السّاعي كُليْبٌ - - - فأيُّ المجْد إلاّ قدْ وليْنا
متى نعْقد قريْنتنا بحبْلٍ - - - تجُذّ الحبْل أوْ تقْص القريْنا
ونُوْجدُ نحْنُ أمْنعهُمْ ذماراً - - - وأوْفاهُمْ إذا عقدُوا يميْنا
ونحْنُ غداة أوْقد في خزازى - - - رفدْنا فوْق رفْد الرّافديْنا
ونحْنُ الحابسُوْن بذي أراطى - - - تسفُّ الجلّةُ الخُوْرُ الدّريْنا
ونحْنُ الحاكمُوْن إذا أُطعْنا - - - ونحْنُ العازمُوْن إذا عُصيْنا
ونحْنُ التّاركُوْن لما سخطْنا - - - ونحْنُ الآخذُوْن لما رضيْنا
وكُنّا الأيْمنيْن إذا التقيْنا - - - وكان الأيْسريْن بنُو أبيْنا
فصالُوا صوْلةً فيْمنْ يليْهمْ - - - وصُلْنا صوْلةً فيْمنْ يليْنا
فآبُوا بالنّهاب وبالسّبايا - - - وأُبْنا بالمُلُوْك مُصفّديْنا
إليْكُمْ يا بني بكْرٍ إليْكُمْ - - - ألمّا تعْرفُوا منّا اليقيْنا
ألمّا تعْلمُوا منّا ومنْكُمْ - - - كتائب يطّعنّ ويرْتميْنا
عليْنا البيْضُ واليلبُ اليماني - - - وأسْيافٌ يقُمْن وينْحنيْنا
عليْنا كُلُّ سابغةٍ دلاصٍ - - - ترى فوْق النّطاق لها غُضُوْنا
إذا وضعتْ عن الأبْطال يوْماً - - - رأيْت لها جُلُوْد القوْم جُوْنا
كأنّ غُضُوْنهُنّ مُتُوْنُ غُدْرٍ - - - تُصفّقُها الرّياحُ إذا جريْنا
وتحْملُنا غداة الرّوْع جُرْدٌ - - - عُرفْن لنا نقائذ وافْتُليْنا
وردْن دوارعاً وخرجْن شُعْثاً - - - كأمْثال الرّصائع قدْ بليْنا
ورثْناهُنّ عنْ آباء صدْقٍ - - - ونُوْرثُها إذا مُتْنا بنيْنا
على آثارنا بيْضٌ حسانٌ - - - نُحاذرُ أنْ تُقسّم أوْ تهُوْنا
أخذْن على بُعُوْلتهنّ عهْداً - - - إذا لاقوْا كتائب مُعْلميْنا
ليسْتلبُنّ أفْراساً وبيْضاً - - - وأسْرى في الحديْد مُقرّنيْنا
ترانا بارزيْن وكُلُّ حيٍّ - - - قدْ اتّخذُوا مخافتنا قريْناً
إذا ما رُحْن يمْشيْن الهُويْنا - - - كما اضْطربتْ مُتُوْنُ الشّاربيْنا
يقُتْن جيادنا ويقُلْن لسْتُمْ - - - بُعُوْلتنا إذا لمْ تمْنعُوْنا
ظعائن منْ بني جُشم بنْ بكْرٍ - - - خلطْن بميْسمٍ حسباً وديْنا
وما منع الظّعائن مثْلُ ضرْبٍ - - - ترى منْهُ السّواعد كالقُليْنا
كأنّا والسُّيُوْفُ مُسلّلاتٌ - - - ولدْنا النّاس طُرّاً أجْمعيْنا
يُدهْدهن الرُّؤُوس كما تُدهْدي - - - حزأورةٌ بأبطحها الكُريْنا
وقدْ علم القبائلُ منْ معدٍّ - - - إذا قُببٌ بأبطحها بُنيْنا
بأنّا المُطْعمُوْن إذا قدرْنا - - - وأنّا المُهْلكُوْن إذا ابْتُليْنا
وأنّا المانعُوْن لما أردْنا - - - وأنّا النّازلُوْن بحيْثُ شيْنا
وأنّا التاركُوْن إذا سخطْنا - - - وأنّا الآخذُوْن إذا رضيْنا
وأنّا العاصمُوْن إذا أُطعْنا - - - وأنّا العازمُوْن إذا عُصيْنا
ونشْربُ إنْ وردْنا الماء صفْواً - - - ويشْربُ غيْرُنا كدراً وطيْنا
ألا أبْلغْ بني الطّمّاح عنّا - - - ودُعْميّا فكيْف وجدْتُمُوْنا
إذا ما الملْكُ سام النّاس خسْفاً - - - أبيْنا أنْ نُقرّ الذُّلّ فيْنا
ملأْنا البرّ حتّى ضاق عنّا - - - وظهر البحْر نمْلؤُهُ سفيْنا
إذا بلغ الفطام لنا صبيٌّ - - - تخرُّ لهُ الجبابرُ ساجديْنا
في أمان الله !
No comments:
Post a Comment